موسم تعديل الدستور:بقلم الأستاذ :البشير عبد الرزاق.

الطبخة باتت شبه جاهزة بعدما استوت على نار هادئة طيلة الفترة الماضية، وأما المقادير فهي محسوبة بدقة متناهية، هكذا يقول أصحاب”البشارة” ثم يردفون: أم حسبتم أننا سنتركها سدى؟
أصحاب”البشارة” هؤلاء يؤكدون بما لا يدع مجالا للشك، بأننا دخلنا بالفعل في مرحلة العد التنازلي لنسف الدستور الحالي عن آخره، حتى لا يبقى أثر ولا ذكر ولا شيء من تلك المادة “الحرجة” التي تسللت خلسة إلى مضاربنا.
ولكن ليطمئن الجميع فكل شيء سيحدث بطريقة ذكية جدا: استخدام “كاتم صوت” ذي جودة عالية، التأكد من أن العملية ستكون نظيفة من بدايتها إلى نهايتها والحرص على أقل الخسائر الممكنة، تلكم هي أهم التوجيهات السامية.
ولأن زمن التعديلات الدستورية الفجة والرخيصة قد ولى إلى غير رجعة، فقد كان من الطبيعي جدا أن يتم البحث عن طريقة ما، تمكن من ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد دون أن يموت منها واحد، فآخر ما تحتاجه الأوطان وهي تعبث بدساتيرها هو أن تقع فضائح مدوية.
باختصار شديد للغاية يقول أصحاب”البشارة” إنه سيتم الانتقال من نظام رئاسي إلى آخر برلماني وأما بقية الحكاية فهي بسيطة إلى درجة الاستفزاز، عصبة من أفضل “مصممي” الدساتير تقوم بتفصيل قطعة القماش بالميليمتر على مقاس صاحبها كما عودتنا على الأمر دائما، ثم ثلة من أحسن الطبالين الأولين منهم والآخرين يصدحون بهذا الفتح الديمقراطي المبين حتى يجف ريقهم.
بقي علينا فقط أن نجد مكانا ما، في هذا المشهد السياسي الوطني الهابط جدا، نعلق فيه “الحوار” وندعه يستريح قليلا من سفره الطويل، في انتظار أن تنضج هذه الوصفة السحرية التي باتت على الأبواب والنوافذ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى